ولما كانت أقوالهم لا تليق بالجناب الأقدس، أمر سبحانه بما يفيد أن ذلك بإرادته وأنه موجب لتنزيهه، وكماله، لأنه قهر قائله على قوله، ولو كان الأمر بإرادة ذلك القائل استقلالاً لكان ذلك في غاية البعد عنه، لأنه موجب للهلاك، فقال :﴿وسبح﴾ أي أوقع التنزيه عن كل شائبة نقص متلبساً ﴿بحمد ربك﴾ أي بإثبات الإحاطة بجميع صفات الكمال للسيد المدبر المحسن إليك بجميع هذه البراهين التي خصك بها تفضيلاً لك على جميع الخلق في جميع ما ﴿قبل طلوع الشمس﴾ بصلاة الصبح، وما يليق به من
٢٦٥
التسبيح غيرها ﴿وقبل الغروب﴾ بصلاة العصر والظهر كذلك فالعصر أصل لذلك الوقت والظهر تبع لها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٦٥
ولما ذكر ما هو أدل على الحب في المعبود لأنه وقت الانتشار إلى الأمور الضرورية التي بها القوام والرجوع لقصد الراحة الجسدية بالأكل والشرب واللعب والاجتماع بعد الانتشار والانضمام مع ما ي الوقتين من الدلالة الظاهرة على طي الخلق ثم نشرهم، أتبه ما يكون وقت السكون المراد به الراحة بلذيذ الاضطجاع والمنام فقال :﴿ومن الليل﴾ أي في بعض أقواته ﴿فسبحه﴾ بصلاتي المغرب والعشاء وقيام الليل لأن الليل وقت الخلوات وهي ألذ المناجاة.
ولما ذكر الفرائض التي لا مندوحة عنها على وجه يشمل النوافل من الصلاة وغيرها، أتبعها النوافل المقيدة بها فقال :﴿وأدبار السجود *﴾ أي الذي هو أكل بابه وهو صلاة الفرض بما يصلى بعدها من الرواتب والتسبيح بالقول أيضاً، قال الرازي : واعمل أن ثواب الكلمات بقدرة صدورها عن جنان المعرفة والحكمة وأن تكون عين قلبه تدور دوران لسانه ويلاحظ حقائقها ومعانيها، فالتسبيح تنزيه من كل ما يتصور في الوهم أو يرتسم في الخيال أو ينطبع في الحواس أو يدور في الهواجس، والحمد يكشف عن المنة وصنع الصنائع وأنه المتفرد بالنعم.
انتهى.