ولما أخبر سبحانه عن ثبات خبره، أتبعه الإخبار عن وهي كلامهم، فقال مقسماً عليه لمبالغتهم ي تأكيد مضامينه مع التناق بفعله الجميل وصنعه الجليل، إشارة إلى أنهم لم يتخلقوا من أخلاقه الحسنى بقول ولا فعل :﴿والسماء ذات الحبك *﴾ أي الآيات المحتبكة بطرائق النجوم المحكمة، الحسنة الصنعة، الجيدة الرصف والزينة، حتى كأنها منسوجة، الجميلة الصنعة الجليلة الآثار، الجامعة بين القطع والاختلاط والاتفاق والاختلاف، وأصل الحبك الإحكام في امتداد واطراد - قاله الرازي في اللوامع.
﴿إنكم﴾ يا معشر قريش ﴿لفي قول﴾ محيط بكم في أمر القرآن والآتي به وجميع أمر دنيكم وغيره مما تريدون به إبطال الدين الحق ﴿مختلف *﴾ كاختلاف
٢٧٢
طرائق السماء التي لا تكاد تنتظم، ولا يعرف أولها من آخرها، واختلاف هذه الأشياء المقسم بها من أول السورة واختلاف غاياتها لكنه مع ذلك متدافع، وإن كنتم تجتهدون في تزيينه وتقريبه للأفهام وتحسينه فإنه لا يكاد إذا عرضه الناقد على الفكر النافذ ينضبط بضابط ولا يرتبط برابط، بل تارة تقولون : هذا شعر فيلزمكم وصفه بما تصفون به الشعر من الاتساق بالوزن المجرد والروي المتحد، والعذوبة والرشاقة، وتارة تقولون : هذا سحر فيلزمكم مع الإفرار بالعجز عنه أنه لا حقائق له والواقع أنه لا يتأمله ذو فهم إلا رأى حقائقه أثبت من الجبال، وتارة تقولون : أضغاث أحلام، فيلزمكم أنه لا ينضبط بضابط، ولا يكون له مفهوم يحصل، ولا يعجز أحد عن تلفيق مثله، فقد أبطلتم قولكم : إنه شعر وإنه سحر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٠


الصفحة التالية
Icon