واستعجالكم ما توعدون استهزاء وتكذيباً ﴿هذا الذي كنتم به تستعجلون *﴾ أي تطلبون عجلته.
﴿إن المتقين﴾ أي الذين كانت التقوى لهم وصفاً ثابتاً ﴿في جنات﴾ أي بساتين عظيمة نحن داخلها.
﴿وعيون *﴾.
﴿آخذين.
ما﴾
أي كل شيء ﴿آتاهم.
ربهم﴾
أي المحسن إليهم.
بتمام عليمه وشامل قدرته وهو لا يدع لهم لذة إلا أنحفهم بها فيقبلونها بغاية الرغبة لأنها في غاية النفاسة.
ولما كان هذا أمراً عظيماً يذهب الوهم في سببه كل مذهب، علله بقوله مؤكداً لنسبة الكفار لهم إلى الإساءة :﴿إنهم كانوا﴾ أي كوناً هو كالجبلة.
ولما كان الإنسان إما يكون مطيعاً في مجموع عمره أو في بعضه.
على الطاعة، وكانت الطاعة تجبُّ ما قبلها، وتكون سبباً في تبديل السيئات
٢٧٤
حسنات فضلاً منه من سبحانه، فكان كل من القسمين مطيعاً في جميع زمانه، نزع الجارّ فقال :﴿قبل ذلك﴾ أي في دار العمل، وقيل : أخذوا ما فرض عليهم بغاية القبول لأنهم كانوا قبل فرض الفرائض يعملون على المحبة وهو معنى ﴿محسنين *﴾ أي في معاملة الخالق والخلائق، يعبدون الله كأنهم يرونه، ثم فسر إحسانهم معبراً عنه بما هو في غاية المبالغة بقوله :﴿كانوا﴾ أي لما عندهم من الإجلال له والحب فيه بحيث كأنهم مطبوعون عليه، ولغاية التأكيد وقع الإسناد إليهم مرتين ﴿قليلاً من الليل﴾ الذي هو وقت الراحات وقضاء الشهوات، وأكد المعنى بإثبات " ما " فقال :﴿ما يهجعون *﴾ أي يفعلون الهجوع وهو النهوم الخفيف القليل، فما ظنك بما فوقه لأن الجملة تثبت هجوعهم وهو النوم للراحة، وكسر التعب وما ينفيه، وذكر الليل لتحقق المعنى فإن الهجوع النوم ليلاً، فالمعنى أ، هم يحيون أكثر الليل وينامون أقله.


الصفحة التالية
Icon