ولما ثبت أنه لا ملجأ إلا إلى الله الواحد المنزه عن الزوج، وذلك هو الله الذي له الكمال كله، وكان ربما وقع في وهم أن في الوجود من غير الزوجين المعروفين من نفزع إليه كما نفزع إلى وزير الملك وبوابه ونحو ذلك مما يوصل إليه، قال محذراً من سطواته :﴿ولا تجعلوا﴾ أي بأهوائكم ﴿مع الله﴾ وكرر الاسم الأعظم ولم يضمر تعييناً للمراد لأنه لم يشاركه في التسمية به أحد وتنبيهاً على ما له من صفات الكمال وتعميماً لوجوه المقاصد لئلا يظن، وقيل " معه " إن المراد انلهي عن الجعل من جهة الفرار لا من جهة غيرها ﴿إلهاً﴾.
ولما كان المراد كمال البيان، منع مجاز التجيد منع تعنت من يطعن بتكثير الأسماء كما أشار إليه بقوله ﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن﴾ الآية بقوله :﴿آخر﴾ ثم علل النهي مع التأكيد لطعنهم في نذارته فقال :﴿إني لكم منه﴾ أي لا من غيره فإن غيره لا يقدر على شيء ﴿يذير﴾ أي محذر من الهلاك الأبدي بالعقوبة التي لا خلاص منها إن فعلتم ذلك ﴿مبين *﴾ أي لا أقول شيئاً من واضح النقل إلا ودليله ظاهر من صريح العقل.
ولما ذكر قولهم المختلف الذي منه تكذيب الرسول ﷺ ونسبته إلى السحر والجنون وغير ذكل من الفنون، ومنه الإشراك مع اعترافهم بأنه لا خالق إلا الله ولا كاشف ضر غيره إلى غير ذلك من انواع الاضطراب، وأخبر بهلاكتهم على ذلك وحذرهم منه ودل عليه إلى أن ختم بإنذار من اتخذ إلهاً غيره قال مسلياً :﴿كذلك﴾ أي مثل قول قومك المختلف العظيم الشناعة، البيعد من الصواب، بما له من الاضطراب،
٢٨٧


الصفحة التالية
Icon