ولما كان ﷺ، يكاد يتلف نفسه الشريفة - بأبي هو وأمي - غماً عليهم وأسفاً لتخلصهم عن الإسلام وخوفاً أن لا يكون وفى بما عليه من التنبيه والإعلام، سبب تعالى عن حالهم قوله :﴿فتولَّ عنهم﴾ أي كلف نفسك الإعراض عن الإبلاغ في إبلاغهم بالمجادلة والصدع بالتغليظ بعد ما تقدم منك من الإبلاغ ﴿فما أنت﴾ بسبب الإعراض بعد الإنذار ﴿بملوم *﴾ أي بمستحق الملامة سبب إعراض من أعرض منهم عنك، فإني إنما حكمت بذلك لأني إنما قسمت الناس إلى مؤمن تنفعه الذكرى، وطاغ لا ينفعه شيء، ولذلك قال :﴿وذكر﴾ أي بالرفق واللين، ولما أصروا على التكذيب والإعراض حتى أيس منهم، أكد ما سببه عن التذكير بقوله :﴿فإن الذكرى﴾ أي التذكر بالنذارة البليغة ﴿تنفع المؤمنين *﴾ أي الذين قدر الله أن يكونوا عريقين في وصف الإيمان ولا بد من إكثار التذكير ليلغلب ما عندهم من نوازع الحظوظ وصوارف الشهوات، مع ما هم مجبولون عليه من النسيان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٨٧
٢٨٨


الصفحة التالية
Icon