ولما أقسم بهذا القسم الجليل، أجابه بقوله معبراً بالماضي نفياً لما كانوا رموه به وليسهل ما قبل النبوة فيكون ما بعدها بطريقة الأولى :﴿ما ضل﴾ أي عدل عن سواء المحجة الموصلة إلى غاية المقصود أي أنه ما عمل الضالين يوماً من الأيام فمتى تقول القرآن عنده ولا علم فيه عمل المجانين ولا غيرهم ما رموه به وأما ﴿وجدك ضالاً﴾ [الضحى : ٧] فالمراد غير عالم، وعبر بالصحبة مع كونها أدل على القصد مرغبة لهم فيها ومقبلة بهم إليه ومقبحة عليهم اتهامه في إنذاره وهم يعرفون طيب أعرافه وطهارة شمائله وأخلاقه فقال :﴿صاحبكم﴾ أي في إنذاره لكم في القيامة فلا وجه لكم في اتهامه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٢
ولما كان الهدى قد يصحبه ميل لا يقرب الموصول إلى القصد وإن حصل به نوع خلل في القرب أو نحوه فقد يكون القصد مع غير صالح قال :﴿وما غوى *﴾ وما مال أدنى ميل ولا كان مقصوده مما يسوء فإنه محروس من أسبابه التي هي غواية الشياطين وغيرها، وقد دفع سبحانه عن نبينا ﷺ، وأما بقية الأانبياء فدفعوا أنفسهم ﴿ليس بي ضلالة﴾ [الأعراف : ٦١] ﴿ليس بي سفاهة﴾ [الأعراف : ٦٧]، ونحو ذلك - قاله القشيري.
ولما كان قد يكون مع الهدى مصادفة قال :﴿وما ينطق﴾ أي يجاوز نطقه فمه في وقت من الأوقات لا في الحال ولا في الاستقبال، نطقاً ناشئاً ﴿عن الهوى﴾ أي من أمره
٣١٣
كالكاهن الذين يغلب كذبهم صدقهم والشعراء وغيرهم، وما تقول هذا القرآن من عند نفسه.