ولما نفى أن يضره إثم غيره نفى أن ينفعه سعي غيره فقال :﴿وأن ليس للإنسان﴾ كائناً من كان ﴿إلا ما سعى *﴾ فلا بد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى، ودعاء المؤمنين للمؤمن سعيه بمواددته لهم ولو بموافقته لهم في الدين وكذا الحج عنه والصدقة ونحوهما، وأما الولد فواضح في ذلك، وأما ما كان لسبب العلم ونحوهما فكذلك، وتضحية للنبي ﷺ في عزامته أصل كبير في ذلك، فإن من تبعه فقد وادده، وهذا أصل في التصدق عن الغير وإهداء ما له من الثواب في القراءة ونحوها.
ولما ثبت أنه ليس له ولا عليه إلا ما عمل، وكان في الدنيا قد يفعل الشيء من الخير والشر ولا يراه من فعله لأجله ولا غيره نفى أن يكون الآخرة كذلك بقوله :﴿وأن سعيه﴾ أي من خير وشر ﴿سوف﴾ أي من غير شك بوعد لا خلف فيه وإن طال المدى.
ولما كان الاطلاع نفسه مرضياً أو مخزياً لا بالنسبة لأحد بعينه، بناه للمجهول بقوله :﴿يرى *﴾ ولما كان المخوف منه المجاواة مطلقاً لا من مجاز معين قال :﴿ثم يجزاه﴾ ولما كان في هذه الدار ربما وقعت المسامحة ببعض الأشياء والغفلة عن بعضها، قال :﴿الجزاء الأوفى *﴾ أي الإثم الأكمل، إن كان خيراً فمع المضاعفة، وإن كان غيره فعلى السواء لمن أراد الله ذلك له ويعفو عن كثير، لكنه تذكرة له.


الصفحة التالية
Icon