ولما علم وصفها في ذاتها، أتبعه وصفها بما يفعل فيه فقال :﴿تنزع﴾ أي تأخذ من الأرض بعضهم من وجهها وبعضهم من حفر حفروها ليتمنعوا بها من العذاب، وأظهر موضع الإضمار ليكون نصاً في الذكور، والإناث فعبر بما هو من النوس تفضيلاً لهم فقال :﴿الناس﴾ الذين هم صور لا ثبات لهم بأرواح التقوى، فتطيرهم بين السماء والأرض كأنهم الهباء المنثور، فتقطع رؤوسهم من جثثهم وتغير ألوانهم تعتيماً لهم إلى السواد، ولذا قال :﴿كأنهم﴾ أي حين ينزعون فيلقون لا أرواح فيهم كأنهم ﴿أعجاز﴾ أي أصول ﴿نخل﴾ قطعت رؤوسها.
ولما كان الحكم هنا على ظاهر حالهم، وكان
٣٥٦
الظاهر دون الباطن، حمل على اللفظ قوله :﴿منقعر *﴾ أي منقصف أي منصرع من أسفل قعره وأصل مغرسه، والتشبيه يشير إلى أنهم طوال قد قطعت رؤوسهم، وفي الحافة وقع التشبيه في الباطن الذي فيه الأعضاء الرئيسة، والمعاني اللطيفة، فأنث الوصف حملاً على معنى النخل لا للطفها - والله أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٥٦
ولما طابق ما أخبر به من عذابهم ما هو له به أولاً، أكد ذلك لما تقدم من سره فقال مسبباً عنه مشيراً إلى أنه لشدة هوله مما يجب السؤال عنه :﴿فكيف كان﴾ أيها السائل، ولفت القول إلى الإقرار تنبيهاً للعبيد على المحافظة على مقام التوحيد :﴿عذابي﴾ لمن كذب رسلي ﴿ونذر *﴾ أي وإنذاري أو رسلي في إنذارهم هل صدق.


الصفحة التالية
Icon