ولما علم تفرغ ذهن السائل الواعي، استأنف قوله مؤكداً إشارة إلى أن عذابهم مما يستلذ وينجح به، وإرغاماً لمن يستبعد النصيحة الواحد بفعل مثل ذلك، وإعلاماً بأن القدرة على عذاب من كذب من غيرهم كهي على عذابهم فلا معنى للتكذيب :﴿إنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿أرسلنا﴾ إرسالاً عظيماً، ودل على كونه عذاباً بقوله :﴿عليهم صيحة﴾ وحقر شأنهم بالنسبة إلى عظمة عذابهم بقوله تعالى :﴿واحدة﴾ صاحها عليهم جبريل عليه السلام فلم يكن بصحيته هذه التي هي واحدة
٣٦٠
طاقة، وتلاشى عندها صياحهم حين نادوا صاحبهم لعقر الناقة.
ولما تسبب عنها هلاكهم قال :﴿فكانوا﴾ كوناً عظيماً ﴿كهشيم المحتظر *﴾ أي محطمين كالشجر اليابس الذي جعله الراعي ومن في معناه ممن يجعل شيئاً يأوي إليه ويحتفظ به ويحفظ به ماشيته في وقت ما لا يقاله ( ؟) وهو حظيره أي شيء مستدير مانع في ذلك الوقت لمن يدخل إليه فهو يتهشم ويتحطم كثير منه وهو يعمله فتدوسه الغنم ثم تتحطم أولاً فأولاً، وكل ما سقط منه شيء فداسته الغنم كان هشيماً، وكأنه الحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٥٩
ولما كان التقدير : لفقد أبلغنا في الموعظة لكل من يسمع هذه القصة، عطف عليه قوله مؤكداً لأجل من يعرض عن هذا القرآن ويعلل إعراضه عنه بصعوبته :﴿ولقد يسرنا﴾ أي على ما لنا من القدرة والعظمة ﴿القرآن﴾ أي الكتاب الجامع لكل خير، الفارق بين كل ملبس ﴿للذكر﴾ أي الحفظ والتذكير والتذكر وحصول انباهة به والشرف إلى الدارين.
ولما كان هذا غاية في وجوب الإقبال عليه لجميع المتولين، قال :﴿فهل من مدكر *﴾ أي ناظر فيه بسبب قلونا هذا بعين الإنصاف والتجرد عن الهوى ليرى كل ما أخبرنا به فنعينه عليه.


الصفحة التالية
Icon