ولما أخبر عن الساعة بهذا الإخبار الهائل، علله مقسماً لأهلها مجملاً بعض ما لهم عند قيامها بقوله مؤكداً لما أظهروا من التكذيب :﴿إن المجرمين﴾ أي القاطعين لما أمر الله بأن يوصل ﴿في ضلال﴾ أي عمى عن القصد بتكذيبهم بالبعث محيط بهم مانع من الخلاص من دواهي الساعة وغيرها، ومن الوصول إلى شيء من مقاصدهم التي هم عليها الآن معتمدون ﴿وسعر﴾ أي نيران تضطرم وتتقد غاية الاتقاد ﴿يوم﴾ أي في ذلك اليوم الموعود به ﴿يسبحون﴾ أي في الساعة دائماً بأيسر وجه إهانة لهم من أي صاحب كان ﴿في النار﴾ أي الكاملة في النارية ﴿على وجوههم﴾ لأنهم في غاية الذل والهوان جزاء بما كانوا يذلون أولياء الله تعالى، مقولاً لهم من أي قائل اتفق :﴿ذوقوا﴾ أي لأنهم لا منعة لهم ولا حمية عندهم بوجه ﴿مس سقر *﴾ أي ألم مباشر الطبقة النارية التي تلفح بحرها فتلوح الجسم وتذيبه فيسيل ذهنه.
وعصاراً كما يسيل الدبس وعصارة الرطب فتسمى النخلة بذلك مسقاراً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٥
٣٦٦
ولما أخبر بقيام الساعة وما يتفق لهم فيها جزاء لأعمالهم التي قدرها عليهم وهي ستر فرضوا بها لاتباع الشهوات واحتجوا على رضاه بها، وكان ربما ظن ظان أن تماديهم على الكفر لم يكن بإرادته سبحانه، علل ذلك منبهاً على أن الكل فعله، وإنما نسبته إلى العباد بأمور ظاهرية، تقوم عليهم بها الحجة في مجاري عاداتهم، فقال :﴿أنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿كل شيء﴾ أي من الأشياء المخلوقة كلها صغيرة وكبيرها.


الصفحة التالية
Icon