ولما كان سيرهما على هذا المنهاج مع ما لهما فيه من الدؤب فيه بالتغير والتنقل طاعة منهما لمدبرهما ومبدعهما ومسيرهما، وكان خضوعهما - وهما النيران الأعظمان -
٣٧٤
دالاً على خضوع ما دونهما من الكواكب بطريق الأولى، كان ذكرهما مغنياً عن ذكر ما عداهما بخصوصه، فأتبعهما حضور ما هو للأرض كالكواكب للسماء في الزينة والنفع بأن من أكثر الأقوات لجميع الحيوان والملابس من القطن والكتان وغير ذلك من عجيب الشأن، معبراً بما يصلح لبقية الكواكب فقال :﴿والنجم﴾ أي وجميع الكواكب السماوية وكل نبت ارتفع من الأرض ولا ساق له من النبات الأرضية التي هي أصل قوام الإنسان وسائر الحيوان ﴿والشجر﴾ وكل ما له ساق ويتفكه به أو يقتات ﴿يسجدان *﴾ أي يخضعان وينقادان لما يراد منهما ويذلان للانتفاع بهما انقياد الساجد من العقلاء لما أمر به بجريهما لما سخرا له وطاعتهما لما قدرا فيه غير إباء على تجدد الأوقات من نمو في النبات ووقوف واخضرار ويبس وإثمار وعطل، لا يقدر النجم أن يعلو إلى رتبة الشجرة ولا الشجرة أن يسفل إلى وهدة النجم إلىغير ذلك مما صرفنا فيه من سجود الظلال ودوران الجبال والمثال مما يدل على وحدانية الصانع وفعله بالاختيار، ونفي الطبائع، ومن تسيير في الكواكب وتدبير في المنافع في الحر والبرد اللذين جعل سبحانه بهما الاعتدال في النبات من الفواكهة والأقوات، وغير ذلك من وجود الانتفاعات.


الصفحة التالية
Icon