ومرجت نارهم - أي اختلطت - ببرد الزمهرير.
ولما كان المارج عاماً في النار وغيرها، بينه بقوله :﴿من نار *﴾ هي أغلب من عناصر، فتعين المراد بذكر النار لأن الملائكة عليهم السلام من نور لا من نار، وليس عندهم مروج ولا اضطراب، بل هم في غاية الثبات على الطاعة فيما أمروا به، وقد عرف بهذا كل مضطرب قدره لئلا يتعدى طوره.
ولما كان خلق هذين القبيلين على هذين الوجهين اللذين هما في غاية التنافي مستوراً أحدهما عن الآخر مع منع كل من التسلط على الآخر إلا نادراً، إظهاراً لعظيم قدرته وباهر حكمته من أعظم النعم، قال مسبباً عنه :﴿فبأيَّ آلاء ربكما﴾ أي النعم الملوكية الناشئة عن مبدعكما ومربيكما وسيدكما ﴿تكذبان *﴾ أي بنعمة البصر من جهة الوراء وغيرها من خلقكم على هذا النمط الغريب، وإيداعكم ما أودعكم من القوى، وجعلكم خلاصة مخلوقاته، ومن منع أحد قبيليكم عن الآخر، وتيسيره لكم الأرزاق والمنافع، وحملكم على الحنيفية السمحة، وقدرته على إعادتكم كما قدر على ابتدائكم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٧٦
ولما ذكر سبحانه هذين الجنسين اللذين أحدهما ظاهر والآخر مستتر، إرشاداً إلى التأمل فيما فيهما من الدلالة على كمال قدرته، فكانا محتاجين إلى ما هما فيه من
٣٨٠


الصفحة التالية
Icon