وقال بعد ذلك : سخر سبحانه لعباده جهنم - بواسطة الشمس - وهي أعدى عدو لهم، فأخرج لهما بواسطتها الزرع الزيتون والرمان والنخيل والأعناب والجنان المعروشات وغير المعروشات ومن كل الثمرات.
ولما كان في هذا من النعم ما لا يحصى، قال مسبباً :﴿فبأيَّ آلاء ربكما﴾ الذي دبر لكم هذا التدبير العظيم ﴿تكذبان *﴾ أي بنعمة البصرة من جهة اليمين أو غيرها من تسخير الشمس والقمر دائبين دائرين لإدارة الزمان وتجديد الأيام، وعدد الشهور والأعوام، واعتدال الهواء واختلاف الأحوال على الوجه الملائم لمصالح الدنيا ومعايشها على منهاج محفوظ وقانون لا يزيغ.
٣٨١
ولما كانت باحة البحر لجري المراكب كساحة السماء لسير الكواكب مع ما اقتضى ذكره من تضمن ذكر المشارق والمغارب للشتاء الحاصل فيه من الأمطار ما لو جرى على القياس لأفاض البحار، فأغرقت البراري والقفار، وعلت على الأمصار وجميع الأقطار، فقال :﴿مرج﴾ أي أرسل الرحمن ﴿البحرين﴾ أي الملح والعذب فجعلهما مضطربين، من طبعهما الاضطراب، حال كونهما ﴿يلتقيان *﴾ أي يتماسان على ظهر الأرض بلا فصل بينهما في رؤية العين وفي باطنها، فجعل الحلو آية دالة على مياه الجنة، والملح آية دالة على بعض شراب أهل النار لا يروي شاربه ولا يغنيه، بل يحرق بطنه ويعييه، أو بحري فارس والروم هما ملتقيان في البحر المحيط لكونهما خليجين منه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٧٦


الصفحة التالية
Icon