وآخره من ذكر الإحسان أن هذا الفريق محسنون، وكان من المعلوم أن العاملين طبقات، وأن كل طبقة أجرها على مقدار أعمالها، اقتضى الحال بيان ما أعد لمن دونهم :﴿ومن دونهما﴾ أي من أدنى مكان، رتبة مما تحت جنتي هؤلاء المحسنين المقربين ﴿جنتان *﴾ أي كلل واحد لمن دون هؤلاء المحسنين من الخائفين وهم أصحاب اليمين، قال ابن عباس رضي الله عنهما : دونهما في الدرج، وجعل ابن برجان الأربع موزعة بين الكل، وأن تخصيص هذه العدة إشارة إلى أنها تكون جامعة لما في فصول الدنيا الأربعة : الشتاء والربيع والصيف والخريف، وفسر بذلك قول النبي ﷺ "جنتان من ذهب أوتيتهما وما فيهما وجنتان من فضة أوتيتهما وما فيهما" ثم جوز أن يكون المراد بالدون الأدنى إلى الإنسان، وهو البرزخ، فتكون هاتان لأهل البرزخ كما كان ﴿وإن للذين السابغة إلى الأعلى دون ذلك﴾ من عذاب القبر ﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي المحسن بنعمة السابغة إلى الأعلى ومن دونه ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة اللمس من جهة التحت أم غيرها مما جعله الله في الدنيا مثالاً لهذا من أن بعض البساتين أفضل من بعض إلى غير ذلك من أنواع التفضيل.
ولما كان ما في هاتين من الماء دون ما في الباقيتين، فكان ربما ظن أن ماءهما لا يقوم بأعلى كفايتهما قال :﴿مدهامتان *﴾ أي خضراوان خضرة تضرب من شدة الري إلى السواد، من الدهمة، قال الأصبهاني : الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض وفي الأوليين الأشجار والفواكه ﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي نعم المحسن إلى العالي منكما ومن دونه بسعة رحمته ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة الذوق من جهة الأمم أم غيرها مما جعله مثالاص لذلك من جنان الدنيا الكثية الري وغيره.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٩٥
ولما كان ذكر ما يدل على ريهما، حققه بقوله :﴿فيهما﴾ أي في كل جنة لكل شخص منهم ﴿عينان نضاختان *﴾ أي تفوران بشدة توجب لهما رشاش الماء بحيث لا
٣٩٧