ولما كان هذا من عجائب الصنع، كرر التقرير والإنكار تنبيهاً عليه فقال :﴿ءأنتم أنشأتم﴾ أي اخترعتم وأوجدتم وأودعتم وأحييتم وربيتم وأوقعتم ﴿شجرتها﴾ أي المرخ
٤٢٠
والعفار التي تتخذون منها الزناد الذي يخرج منه، وأسكنتموها النار مختلطة بالماء الذي هو ضدها وخبأتموها في تلك الشجرة لا يعدو واحد منها على الآخر مع المضادة فيغلبه حتى يمحقه ويعدمه ﴿أم نحن﴾ أي خاصة، وأكد بقوله :﴿المنشئون *﴾ أي لها بما لنا من العظمة على تلك الهيئة، فمن قدر على إيجاد النار التي هي أيبس ما يكون من الشجرة الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها في كيفيتها، كان أقدر على إعادة الطرواة والغضاضة في تراب الجسد الذي كان غضاً طرياً فيبس وبلي، والآية من الاحتباك بمثل ما مضى في أخوتها سواء.
ولما كان الجواب قطعاً : أنت وحدك، قال دالاًّ على ذلك تنبيهاً على عظم هذا الخبر :﴿نحن﴾ أي خاصة ﴿جعلناها﴾ بما اقتضته عظمتنا، وقدم من منافعها ما هو أولى بسياق البعث الذي هو مقامه فقال :﴿تذكرة﴾ أي شيئاً تتذكرونه وتتذكرون به تذكراً عظيماً جليلاً عن كل ما أخبرنا به من البعث وعذاب النار الكبرى وما ينشأ فيها من شجرة الزقوم وغير ذلك مما ننيره لأولي البصائر والفهوم من المعلوم، قال ابن برجان : فوزان قدح الزناد من الشجر، والزناد وزان الصيحة بهم ووزان إنشائه الأجسام وبإنشائها من غيبها أن النار الكبرى في غيب ما نشاهده، وهذا من آثار كونها في الجو - انتهى.


الصفحة التالية
Icon