السماوات والأرض.
ولما كانت الأعمال منها ظاهر وباطن، عبر في أمرها باسم الذات دلالة على شمولها بالعلم والقدر وتنبيهاً على عظمة الإحاطة بها وبكل صفة من صفاته فقال :﴿والله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال، وقدم الجارّ لمزيد الاهتمام والتنبيه على تحقق الإخاطة كما مضى التنبيه عليه غير مرة وتمثيله بنحو : أعرف فلاناً ولا أعرف
٤٣٧
غيره ؛ فقال :﴿بما تعملون﴾ أي على سبيل التجدد والاستمرار ﴿بصير *﴾ أي عالم بجلائله ودقائقه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٣٣
صانع الشيء قد لا يكون ملكاً، وكان الملك لا يكمل ملكه إلا بعلم جميع ما يكون في مملكته والقدرة عليه، وكان إنكارهم للبعث إنكاراً لأن يكون ملكاً، أكد ذلك بتكرير الإخبار به فقال :﴿له﴾ أي وحده ﴿ملك السماوات﴾ وجمع لاقتضاء المقام له ﴿والأرض﴾ أفرد لخفاء تعددها عليهم مع إرادة الجنس، ودل على دوام ملكه وإحاطته بقوله عاطفاً على ما تقديره : فمن الله المبدأ، معبراً بالاسم الأعظم الجامع لئلا يظن الخصوص بأمور ما تقدم :﴿وإلى الله﴾ أي الملك الذي لا كفؤ له وحده ﴿ترجع﴾ بكل اعتبار على غاية السهولة ﴿الأمور *﴾ أي كلها حساً بالبعث ومعنى بالإبداء والإفناء، ودل على ذها الإبداء والإفناء بأبدع الأمور وأروقها فقال :﴿يولج﴾ أي يدخل ويغيب بالنقص والمحو ﴿الّيل في النهار﴾ فإذا قد قصر بعد طوله، وقد انمحى بعد تشخصه وحلوله، فملأ الضياء الأقطار بعد ذلك الظلام ﴿ويولج النهار﴾ الذي عم الكون ضياؤه وأناره لألأؤه ﴿في الّيل﴾ الذي قد كان غاب في علمه، فإذا الظالم قد طبق الآفاق، والطول، الذي كان له قد صار نقصاً.


الصفحة التالية
Icon