متعنت فقال : فأت ما طلب منا، والذي بعد هذا من الحال التي هي في معنى دالة على هذا، وهي قوله :﴿والرسول﴾ أي والحال أن الذي له الرسالة العامة ﴿يدعوكم﴾ صباحاً ومساء على ما له من مقتضيات القبول منه من حسن السمت وجلالة القدر وإظهار الخوارق وغير ذلك ﴿لتؤمنوا﴾ أي لأجل أن تجددوا الإيمان ﴿بربكم﴾ أي الذي أحسن تربيتكم بأن جعلكم من أمة هذه النبي الكريم ﷺ وشرفكم به ﴿وقد﴾ أي والحال أنه قد ﴿أخذ ميثاقكم﴾ أي وقع أخذه فصار في غاية القباحة ترك ما وقع التوثق بسببه بنصب الأدلة والتمكين من النظر بإبداع العقول، وذلك كله منضم إلى أخذ الذرية من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام وإشهادهم على أنفسهم وإشهاد الملائكة عليهم، وبنى الفعل للمفعول في قراءة أبي عمرو ليكون المعنى أيّ أخذ كان لأن الغدر عند الكرماء شديد نم غير نظر إلى معين لا سيما العرب فكيف إذا كان الآخذ الملك الأعظم القادر على كل شيء العالم بكل شيء، ورسوله الذي تعظيمه من تعظيمه، كا صرحت به قراءة الجماعة بالبناء للفاعل ولا يخفى الإعراب، والحاصل أنهم نقضوا الميثاق في الإيمان، فلم يؤاخذهم حتى أرسل الرسل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٣٩
ولما حثهم على تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار بالعجب من ترك ذلك، وكان كل واحد يدعي الراقة في الخير، هيجهم وألهبهم بقوله :﴿إن كنتم﴾ أي جبلة ووصفاً ثابتاً ﴿مؤمنين *﴾ أي عريقين في وصف الإيمان، وهو الكون على نور الفطرة الأولى.
ولما وصفه بالربوبية، دل عليها بقوله :﴿هو﴾ أي وحده لا غيره ﴿الذي ينزل﴾ أي على سبيل التدريج والموالاة بحسب الحاجة.