ولما كان المنكئ لهم إنما هو الرد من أي قائل كان، بنى للمفعول قوله :﴿قيل﴾ أي لهم جواباً لسؤالهم قول رد وتوبيخ وتهكم وتنديم :﴿ارجعوا وراءكم﴾ أي في جميع جهات الوراء التي هي أبعد الجهات عن الخير كما كنتم في الدنيا لا تزالون مرتدين على أعقابكم عما يستحق أن يقبل عليه ويسعى إليه ﴿فالتمسوا﴾ بسبب ذلك الرجوع ﴿نوراً﴾ ويصح أن يراد بالوراء الدنيا لأن هذا النور إنما هو منها بسبب ما عملوا فيها من الأعمال الزاكية والمعارف الصافية، ولهذا قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب المحبة من الإحياء : إن هذه الآية تدل على أن الأنوار لا بد أن يتجدد أصلها في الدنيا ثم يزداد في الآخرة إشراقاً فأمّا أن يتجدد ثَمَّ نور فلا.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
ولما كان التقدير : فرجعوا أو فأقاموا في الظلمة، سبب عنه وعقب قوله :﴿فضرب﴾ مبنياً للمفعول على نحو الاول، ولإفادة أن الضرب كان في غاية السرعة والسهولة، ويجوز أن تكون الفاء معقبة على ما قبله من غير تقدير ﴿بينهم﴾ أي في جميع المسافة التي بين الذين آمنوا وأضدادهم في وقت قولهم هذا.


الصفحة التالية
Icon