ولما كان أهل الكتاب قد تابعوا أهيتهم على بغض الأميين، وأشربت قلوبهم أن النبوة مختصة بهم لأنهم أولاد إبراهيم عليه السلام من ابنة عمه، والعرب - وإن كانوا أولاده - فإنهم من الأمة وما دروا أن كونهم من أولاده مرشح لنبة بعضهم وكونهم من الأمة، مهيئ لعموم الرسالة لأجل عموم النسب، قال دالاً على انهم صاروا كالبهائم لا يبصرون إلا المحسوسات معلقاً الجار بـ ﴿آمنوا﴾ و﴿يؤتكم﴾ وما بعد :﴿لئلا يعلم﴾ أي ليعلم علماً عظيماً يثبت مضمون خبره وينتفي ضده - بما أفاده زيادة النافي ﴿أهل الكتاب﴾ أي من الفريقين الذي اقتصروا على كتابهم وأنبيائهم ولم يؤمنوا بالنبي الخاتم وما أنزل ﴿ألا﴾ أي أنهم لا ﴿يقدرون﴾ أي في زمن من الأزمان ﴿على شيء﴾ أي وإن قل ﴿من فضل الله﴾ أي الملك الأعلى الذي خصكم بما خصكم به لا يمنع ولا بإعطائكم حيث نزع النبوة منهم ووضها في بني عمهم إسماعيل عليه السلام الذي كانوا لا يقيمون لهم وزناً فيقولون : إنهم بنو الأمة، وإنهم أميون، وإنهم ليس عليهم منهم سبيل، وجعل النبوة التي خصكم بها عامة - كما أشار إليه ما في ابن الأمة من شمول بنسبته وانشعابه وحيث عملوا كثيراً وأعطوا قليلاً :" اليهود من أول النهار على قيراط قيراط، والنصارى من الظهر على قيراط قيراط، وهذه الأمة من صلاة العصر على قيراطين قيراطين، فقال الفريقان : ما لنا أكثر عملاً وأقل أجراً، قالك هل ظلمتكم من حقكم شيئاً، قالوا : لا، قال : ذلك فضلي أوتيه من أشاء "وذكر ابن برجان معنى هذا الحديث - كما تقدم عنه قريباً - من الإنجيل وطبقه عليه وذكرته أنا في الأعراف، روى الإمام أحمد في مواضع من المسند والبخاري في سبعة مواضع في الصلاة والإجارة وذكر بني إسرائيل وفضائل القرآن والتوحيد، والترمذي في الأمثال - وقال : حسن صحيح - من وجوه شتى جمعت بين ألفاظها عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال :"مثلكم" - وفي هذه الرواية :"مثل هذه الأمة"، وفي


الصفحة التالية
Icon