أشكل معنى قوله تعالى ﴿ثم يعودون لما قالوا﴾ وقال ابن الأثير في النهاية : ظاهر الرجل من امرأته ظهاراً وتظهر وتظاهر إذا قال لها : أنت عليّ كظهر أمي، وكان في الجاهلية طلاقاً، وقيل : إنهم أرادوا أنت عليّ كبطن أمي أي كجماعها، فكنوا بالظهر عن البطن للمجاورة، وقيل إن إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان حراماً عندهم، وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول، فلقصد الرجل المطلق منهم إلى التغليظ في تحريم امرأته عليه شبهها بالظهر ثم لم يقنع بذلك حتى جعلها كظهر أمه، وإنما عدى الظهار بـ ﴿من﴾ لأنهم كانوا إذا ظاهروا المرأة تجنبوها كما يتجنبون المطلقة ويحترزون منها، فكأنه قوله : ظاهر من امرأته، أي بعد واحترز منها كما قيل : آلى من امرأته، لما ضمن معنى التباعد عدى بـ ﴿من﴾ - انتهى، قال : وقال ابن الملقن في العمدة شرح المنهاج : وكان طلاقاً في الجاهلية، ونقل عن صاحب الحاوي أنه عندهم لا رجعة فيه، قال : فنقل الشارع حكمه إلى تحريم بعد العود ووجوب الكفارة - انتهى وقال أبو حيان : قال أبو قلابة وغيره : وكان الظهار في الجاهلية يوجب عندهم فرقة مؤبدة.
ولما كان التقدير : فإن الله حرمه، عطف عليه مرغباً في التوبة وداعياً إليها قوله مؤكداً لأجل ما يعتدقون من غلظه وأنه لا مثنوية فيه ﴿وإن الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا أمر لأحد معه في شرع ولا غيره ﴿لعفو﴾ من صفاته أن يترك عقاب من شاء ﴿غفور *﴾ من صفاته أن يمحو عين الذنب وأثره حتى أنه كما لا يعاقب عليه لا يعاتب، فهل من تائب طلباً للعفو عن زلله، والإصلاح لما كان من خلله.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨٠


الصفحة التالية
Icon