إلى ما يخص المؤمنين في أحكامهم وتعريفهم بما فيه من خلاصهم، فمعظم آي سورة بعد هذا شأنها، وإن اتجر غيرها فلا استدعاء موجب وهو الأقل كما بينا - انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨٦
ولما كان هذا الإخبار عن إحاطة علمه وشمول قدرته مع أنه بديهي التصور - يحتاج عند من جره الهوى إلى الشرك المقتضي للنقص إلى دليل معه فقد كان العرب ينكرون أن يسع الناس كلهم إله واحد، قال تعالى دالاًّ على ذلك بدليل شهودي ليفيد
٤٨٨
الإنسان بما يراه من المحسوسات، قاصراً الخطاب على أعلى الخلق إشارة إلى أنه لا يفهم ذلك حق فهمه غيره :﴿ألم تر﴾ أى تعلم علماً هو في وضوحه كالرؤية بالعين ﴿أن الله﴾ أي الذي له صفات الكمال كلها ﴿يعلم ما في السماوات﴾ كلها.
ولما كان الخطاب لأعلى الخلق، وكان المقام لإحاطة العلم، وكان خطابه ﷺ بذلك إشارة للسامعين إلى وعورة هذا المقام وأنه بحيث لا يكاد يتصوره ولا يفهمه حق فهمه إلا هو ﷺ ومن ألحق به ممن صفا فهمه وسوى ذهنه وانخلع من الهوى والعوائق، جمع وأكد بإعادة الموصوف، فإفراده ﷺ بالخطاب بعد أن كان مع المظاهرين ثم المحادين إشارة إلى التعظيم وتأكيده تنبيه على صعوبة المقام بالتعميم ليرعى حق الرعي توفية بحق التعليم كما رعته الصديقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قولها (سبحان من وسع سمعه الأصوات) يعني في سماعه مجادلة المرأة وهو في غاية الخفاء فقال تعالى :﴿وما في الأرض﴾ أي كليات ذلك وجزئياته، لا يغيب عنه شيء منه، بدليل أن تدبيره محيط بذلك على أتم ما يكون، وهو يخبر من يشاء من أنبيائه وأصفيائه بما يشاء من أخبار ذلك، القاصية والدانية، الحاضرة والغائبة، الماضية والآتية، فيكون كما أخبر.


الصفحة التالية
Icon