ولما كان المعنى الكافي في التخفيف : فليس عليكم شيء، دل عليه بأحسن منه فقال :﴿فإن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال، وأكده لاستبعاد مثله فإن المعهود من الملك إذا ألزم رعيته بشيء أنه لا يسقطه أصلاً ورأساً، ولا سيما إن كان يسيراً، ودل على أنه سبحانه لن يكلف بما فوق الطاقة بقوله :﴿غفور رحيم *﴾ أي له صفتا الستر للمساوئ والإكرام بإظهار المحاسن ثابتتان على الدوام فهو يغفر ويرحم تارة بعدم العقاب للعاصي وتارة للتوسعة للضيق بأن ينسخ ما يشق إلى ما يخف، وهذه الآية قيل : إنها نسخت قبل العمل بها، وقال علي رضي الله عنه : ما عمل بها أحد غيري، أردت المناجاة ولي دينار فصرفته بعشرة دراهم وناجيته عشر مرات أتصدق في كل مرة بدرهم، ثم ظهرت فشق ذلك على الناس، فنزلت الرخصة في ترك الصدقة، وروى النسائي في الكبرى والترمذي وقال : حسن غريب وابن حبان وأبو يعلى والبزار عن علي رضي الله عنه أنه قال : لما نزلت قال رسول الله ﷺ :"مرهم أن يصدقوا" قلت : بكم يا رسول الله ؟ قال :"دينار"، قلت : لا يطيقون.
قال :"فنصف دينار"، قلت : لا يطيقون، قال : فبكم ؟قلت : بشعيرة : قال رسول الله ﷺ :"إنك لزهيد"، فأنزل الله تعالى ﴿أأشفقتم﴾ الآية.
وكان عليه رضي الله عنه يقول : بي خفف الله عن هذه الأمة.
وعدم عمل غيره
٤٩٩
لا يقدح فيه لاحتمال أن يكون لم يجد عند المناجاة شيئاً أو أن لا يكون احتاج إلى المناجاة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٩٥
ولما دل ختم الآية على التخفيف، وكان قد يدعي مدعون عدم الوجدان كذباً فيحصل لهم حرجن وكان تعالى شديد العناية بنجاة هذه الأمة، دل على لطفه بهم بنسخه بعد فرضه.


الصفحة التالية
Icon