ولما بين ما اوصلهم إليه نسيان الذكر من الخسار، بين أنه أوقعهم في العداوة، فقال معللاً الخسار والنسيان والتحزب، وأكد تكذيباً لحالفهم على نفي ذلك مظهراً موضع الغضمار للتنبيه على الوصف الموقع في الهلاك :﴿إن الذين يحادون﴾ ولعل الإدغام لسترهم ذلك الإيمان، ويفهم منه الحكم على من جاهر بطريقة الأولى ﴿الله﴾ أي يعفلون مع الملك الأعظم الذي لا كفوء له فعل من ينازع ىخر في أرض فيغلب على طائفة منها فيجعل لها حداً لا يتعداه خصمه ﴿ورسوله﴾ الذي عظمته من عظتمه.
ولما كانوا لا يفعلون ذلك إلا لكثرة أعوانهم وأتباعهم، فيظن من رآهم أنهم الأعزاء الذين لا أحد أعز منهم، قالتعالى نفياً لهذا الغرور الظاهر :﴿أولئك﴾ أي الأباعد الاسافل ﴿في الأذلين *﴾ أي الذين يعرفون أنهم أذل الخلق بحيث يوصف كل
٥٠٥
منهم بأنه الأذل مطلقاً من غير مفضل عليه ليعم كل من يمكن منه ذل، وذلك في الدنيا والآخرة سواء كانوا فارس والروم أو أعظم منهم سواء كانوا ملوكاً كفرة كانوا أو فسقة، كما قال الحسن : إن للمعصية في قلبوهم لذلاً، وإن طقطقت بهم اللجم.


الصفحة التالية
Icon