ولما أخبر عنهم بما يسر كل سامع فيشتاق إلى مصاحبتهم ومعاشرتهم ومرافقتهم ومقاربتهم ومدحهم وعرفهم بقوله :﴿أولئك﴾ أي الذين هم في الدرجة العليا من العظمة لكونهم قصروا ودهم على الله علماً منهم بأنه ليس النفع والضر إلا بيده ﴿حزب الله﴾ أي جند الملك الأعلى الذي أحاط بجميع صفات الكمال وأولياءه، فإنهم هم يغضبون له ولا يخافون فيه لومة لائم.
ولما تبين مما أعد لهم وأعد لأضدادهم أنهم المختصون بكل خير، قال على طريق الإنتاج مما مضى مؤكداً لما لأضدادهم من الأنكاد :﴿إلا إن حزب الله﴾ أي جند الملك الأعلى وهم هؤلاء الموصوفون ومن والاهم ﴿هم﴾ أي خاصة لا غيرهم ﴿المفلحون *﴾ أي الذين حازوا الظفر بكل ما يؤملون في الدارين، وقد علم من الرضى من الجانبين والحزبية والإفلاح عدم الانفكاك عن السعادة فأغنى ذلك عن تقييد الخلود بالتأييد، خصهم بذلك لأن له العزة والقوة والعلم والحكمة، فلذلك علم أمر المجادلة ورحم شكواها إكراماً لها بحكمته لأنه منابذ للحكمة لأنه مرضى عنه، وحرم الظهار بسبب شكواها لأنها من حزبه وسمع لها، ومن سمع له فهو تشبيه خارج عن قادة التشبيهات، وفيه امتهان للأم التي لها في دينه غاية الإكرام بالتسوية بالزوجة التي هي محل الافتراش، وختم آيها بأن من تعدى حدوده فعاود أحوال الجاهلية فهو مجادله سبحانه فهو من حزب الشيطان، فقد عاد آخرها إلى أولها بأدل دليل على أحسن سبيل، لأن هذا القرآن العظيم أشرف حديث وأقوم قيل وهذا مقصود التي بعدها، ولا شك أنه موجب للتنزيه مبعد عن التشريك والتشبيه، فسبحان من أنزله آية دائمة البيان، موجبة للإيمان، قامعة للطغيان، على مدى الدهور وتطاول الأزمان.
٥٠٨
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٠٥


الصفحة التالية
Icon