وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لا خفاء باتصال أيها بما تأخر من آي سورة المجادلة، ألا ترى أن قوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم﴾ إنما يراد به يهود فذكر سبحانه سوء سريرتهم وعظيم جرأتهم ثم قال في آخر السورة ﴿لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾ فحصل من هذا كله تنفير المؤمنين عنهم وإعلامهم بأن بغضهم من الإيمان وودهم من النفاق لقبيح ما انطووا عليه وشنيع ما ارتكبوه، فلما أشارت هذه الآي إلى ما ذكر أتبعت بالإعلام في أول سورة الحشر بما عجل لهم من هوانهم وإخراجهم من ديارهم وأموالهم وتمكين المسلمين منهم، جرياً على ما تقدم الإيمان إليه سوء مرتكبهم، والتحمت الآي باتحاد المعنى وتناسبه، وتناسج الكلام، وافتتحت السورة بالتنزيه لبنائها على ما أشار إليه غضبه تعالى عليهم إذ لا يكون إلا على أعظم جريمة وأسوأ مرتكب وهو اعتداؤهم وعصيانهم المفصل في مواضع من الكتاب وقد قال تعالى فيهم بعد ذكر غضبه عليهم ﴿أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل﴾ [المائدة : ٦٠] وقال تعالى :﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا و
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٠٩
كانوا يعتدون﴾ [المائدة : ٧٨] فبين تعالى أن لعنته إياهم إنماترتبت على عصيانهم واعتدائهم، وقد فصل اعتداءهم أيضاً في مواضع، فلما كان الغضب مشيراً إلى ما ذكر من عظيم الشرك،
٥١٠
أتبعه سبحانه وتعالى تنزيه نفسه جل وتعالى فقال :﴿سبح لله ما في السماوات وما في الأرض﴾ وإنما يرد مثله من التنزيه أثر جريمة تقع من العباد وعظيمة يرتكبونها وتأمل ذلك حيث وقع، ثم عاد الكلام إلى الإخبار بما فعل تعالى بأهل الكتاب مما يتصل بما تقدم، ثم تناسجت الآي - انتهى.