ولما كان الاعتبار عظيم النفع، لا يحصل إلا للكمل، زاده تعظيماً بقوله تعالى :﴿يا أولي الأبصار *﴾ بالنظر بأبصاركم وبصائركم في غريب هذا الصنع لتحققوا به ما وعدكم على لسان رسوله ﷺ من إظهار دينه وإعزاز نبيه ولا تعتمدوا على غير الله كما اعتمد هؤلاء على المنافقين، فإن من اعتمد على مخلوق أسلمه ذلك إلى صغاره ومذلته، ولا تلموا بغدر كما أرادوا أن يغدروا برسول الله ﷺ فيطرحوا عليه وهو قاعد بفناء دار من دورهم رحى من السطح ليقتلوه بها - زعموا، ولا تفعلوا شيئاً من قبيح أفعالهم لئلا يحصل لكم مثل نكالهم كما أحكمه قوله ﷺ "لتتبعن سنن من كان قبلكم" الحديث، وذلك الغدر منهم بعد أن حرضوا قريشاً على غزوة أحد ودلوهم
٥١٣
على بعض العورات، وقال البغوي : إن كعب بن الأشرف أتى قريشاً بعد أحد في أربعين راكباً فحالفهم على النبي ﷺ فنزل جبريل عليه السلام عليه يخبره بذلك، وقال : إنه لما قصدهم عليه السلام أرسلوا إليه أن يخرج في ثلاثين ويخرج منهم ثلاثون ليسمعوا منه، فإن آمنوا به آمن الكل، فأجابهم فأرسلوا أن الجمع كثير فاخرج في ثلاثة ليخرج ثلاثة منا، فأرسلت امرأة منهم إلى أخيها وكان مسلماً أنهم اشتملوا على الخناجر يريدون الفتك برسول الله ﷺ فكف ﷺ عن ذلك، وكل ما ذكر من أسباب قصتهم كما ترى دائر على المكر بل هو عين المكر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٠٩


الصفحة التالية
Icon