وأهل المدينة يسمون ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لون ولينة، وقال عطية والحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون : اللينة : النخلة، اسمان بمعنى واحد، وجمعها لين وليان، وقال سفيان الثوري : اللينة ما تمرها لون وهو نوع من التمر شديد الصفرة يشف عن نواة فيرى من خارج، قال البغوي : يغيب فيها الضرس، وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم، وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن وصيف أحب إليهم من وصيف، فلما رأوهم يقطعونها شق عليهم وقالوا للمؤمنين : إنكم تكرهون الفساد وأنتم تفسدون، دعوا هذه النخلة، فإنما هي لمن غلب عليها، وقال الرازي في اللوامع واختلاف الألوان فيها ظاهر لأنها أول حالها بيضاء كصدف مليء درّاً منضداً، ثم غبراء ثم خضراء كأنها قطع زبرجد خلق فيها الماء ثم حمراء كأنها ياقوت رص بعضه ببعض ثم صفراء كأنها شذو عقيان، ولذلك إذا بلغ الإرطاب نصفها سميت مجزعة لاختلاف ألوانهات الجزع الظفاري.
ولما كان ما فسر بمؤنث هو اللينة، أعاد المضير مؤنثاً فقال :﴿أو تركتموها﴾ ولما كان الترك يصدق ببقائها مغروسة أو مقطوعة قال :﴿قائمة﴾ ولما كان المراد نخيلاً كثيرة لإرادة الجنس قال :﴿على أصولها﴾ بجمع الكثرة ﴿فبإذن الله﴾ أي فقطعها بتمكين الملك الأعظم ورضاه، قال القشيري : وفي هذا دليل على أن الشريعة غير معللة وإذا جاء الأمر الشرعي بطل طلب التعليل وسكتت الألسنة عن التقاضي بـ " لِمَ " وحضور الاعتراض والاستقباح بالبال خروج عن حد العرفان.