ولاق الإماما أبو جعفر بن الزبير : افتتحت - يعني هذه السورة - بوصية المؤمنين على ترك موالاة أعدائهم ونهيهم عن ذلك وأمرهم بالتبرؤ منهم، وهو المعنى الوارد في قوله خاتمة المجادلة ﴿لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله له ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم﴾ إلى آخر السورة، وقد حصل منها أن أسنى أحوال أهل الإيمان وأعلى مناصبهم ﴿أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وإيدهم بروح منه﴾ [المجادلة : ٢٢] فوصى عباده في افتتحا الممتحنة بالتنزه عن موالاة الأعداء ووعظهم بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذين معه في تبرئهم من قومهم ومعاداتهم، والاتصال في هذا بين، وكأن سورة الحشر وردت مورد الاعتراض المقصود بها تمهيد الكلام وتنبيه السامع على ما به تمام الفائدة لما ذكر أن شأن المؤمنين أنهم لا يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أقرب الناس إليهم، اعترض بتنزيهه عن مرتكباتهم، ثم أتبع ذلك ما عجله لهم من النقمة والنكال، ثم عاد الأمر إلى النهي عن موالاة الأعداء جملة له، ثم لما كان أو لسورة الممتحنة إنما نزل في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وكتابه لكفار قريش بمكة، والقصة مشهورة وكفار مكة ليسوا من يهود، وطلبوا المعادة للجميع واحد، فلهذا فضل بما هو من تمام الإخبار بحال يهود، وحينئذ عاد الكلام إلى الوصية عن نظائرهم من الكفار المعاندين، والتحمد السور الثلاث وكثر في سورة الممتحنة تزداد الوصايا والعهود، وطلب بذلك كله ولهذا المناسبة ذكر فيها الحكم في بيعة النساء وما يشترط عليهن في ذلك، فمبنى السورة على طلب الوفاء افتتاحاً واختتاماً حسب ما بين في التفسير لينزه المؤمن عن حال من قدم ذكره في سورة الحشر وفي خاتمة سورة المجادلة - انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٤٧