ولما كان الذين لم يقاتلوا لذلك ربما كانوا قد ساعدوا على الإخراج قال :﴿ولم يخرجوكم﴾ وقيد بقوله :﴿من دياركم﴾ ولما كان قد وسع لهم سبحانه بالتعميم في إزالة النهي خص بقوله مبدلاً من " الدين " :﴿أن﴾ أي لا ينهاكم عن أن ﴿تبروهم﴾ بنوع من أنواع البر الظاهرة فإن ذلك غير صريح في قصد المواددة ﴿وتقسطوا﴾ أي تعدلوا العدل الذي هو في غاية الاتزان بأن تزيلوا القسط الذي هو الجور، وبين أن المعنى : موصلين لذلك الإقساط ﴿إليهم﴾ إشارة إلى أن فعل الإقساط ﴿إليهم﴾ إشارة إلى أن فعل الإقساط ضمن الاتصال، وإلى أن ذلك لا يضرهم وإن تكفلوا الإرسال إليهم من البعد بما أذن لهم فيه فإن ذلك من الرفق والله يحب الرفق في جميع الأمور ويعطي عليه ما لا يعطي على الخرق، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً دفعاً لظن من يرى أذى الكفار بكل طريق، ﴿إن الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿يحب﴾ أي يفعل المحب مع ﴿المقسطين *﴾ أي الذين يزيلون الجور ويوقعون العدل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥٦
٥٥٩
ولما علم الحال من هذا وما في أول السورة، أتبعه التصريح بما أفاده مجموعاً أحسن جمع مصوراً أحسن تصوير فقال تعالى :﴿إنما ينهاكم الله﴾ أي الذين له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة ﴿عن الذين قاتلوكم﴾ متعمدين لقتالكم كائنين ﴿في الدين﴾ ليس شيء من ذلك خارجاً عنه، لتكون العداوة في الله ﴿وأخرجوكم من دياركم﴾ أي بأنفسهم لبغضكم ﴿وظاهروا﴾ أي عاونوا غيرهم ﴿على إخراجكم﴾ ولما تناول هذا المقصودين صريحاً، وكان النهي الذي موضعه الأفعال قد علق بأعيانهم تأكيداً له، عرف بالمقصود بقوله :﴿أن﴾ أي إنما ينهاكم عن المذكورين في أن ﴿تولوهم﴾ أي تكلفوا فطركم الأولى أن تفعلوا معهم جميع ما يفعله القريب الحميم الشفيق فتصرحوا بأنهم أولياؤكم وتناصروهم ولو كان ذلك على أدنى الوجوه - بما أشار إليه إسقاط التاء.