ولما كان قد أمر برد مهور الكفارن فكان ربما ظن أنه مغن عن تجديد مهر لهن إذا نكحهن المسلم نفى ذلك بقوله :﴿إذا آتيتموهن﴾ أي لأجل النكاح ﴿أجورهن﴾ ولما قطع ما بين الكفار والمسلمات مع الإعراض عن الكفار لعصاينهم قطع ما بين المؤمنين والكافرات مع الإقبال عليهم لطاعتهم رفعاً لشأنهم فقال :﴿تمسكوا﴾ أي بعدم كان إمساك المرأة مع عداوتها لمخالفتها في الدين دليلاً على غاية الرغبة فيها، دل على ذلك إشارة إلى التوبيخ بالتضعيف في قراءة البصريين فقال :﴿تمسكوا﴾ أي بعدم التصريح في الطلاق ﴿بعصم الكوافر﴾ جمع عصمة وهي ما يديم علقة النكاح ﴿واسألوا﴾ أي أيها المؤمنون الذين هبت أزواجهم إلى الكفار ﴿ما أنفقتم﴾ أي من مهر نسائكم اللاتي اعتصمن عنكم بهم أو فررن إليهم، ولما أمر برد مهور المؤمنين إلى الكفار وأذن للمؤمنين ف المطالبة بمهور أزواجهم، أذن للكفار في مثل ذلك إيقاعاً للقسط بين عباده مسلمهم وكافرهم معبراً بالأمر مع الغيبة إعراضاً عنهم إعلاماً بشدة كراهته سبحانه للظلم وأنه يستوي فيه الكافر مع عداوته بالمؤمن مع ولايته :﴿وليسألوا﴾ أي الكفار ﴿ما أنفقوا﴾ أي من مهور أزواجهم اللاتي أسلمن واعتصمن بكم عنهم، وهل هذا الحكم باق، قال قوم : نعم، وقال عطاء ومجاهد وقتادة : نسخ فلا يعطي الكفار شيئاً ولو شرطنا الإعطاء.
٥٦٤
ولما كان هذا حكماً عدلاً لا يفعله مع عدوه ووليه إلا حكيم، قال مشيراً إلى مدحه ترغيباً فيه بميم الجمع إلى العموم :﴿ذلكم﴾ أي الحكم الذي ذكر في هذه الآيات البعيدة بعلو الرتبة عن كل سفه ﴿حكم الله﴾ أي الملك الذي له صفات الكمال، فلا ينبغي لشائبة نقص أن يلحقه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥٩


الصفحة التالية
Icon