ولما كانت عظمته سبحانه مانعة لعظيم الهيبة من سؤاله ما طمع به، علله بقوله معيداً الاسم الأعظم لئلا يظن بإضماره وتقيده بحيثية الهجرة من النساء ونحو ذلك مؤكداً لما طبع الأدمي عليه من أنه لا يكاد يترك المسيء من عقاب أو عتاب فضلاً عن التفضيل بزيادة الإكرام :﴿إن الله﴾ أي الذي له صفات الجلال والإكرام فلو أن الناس لا يذنبون لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم لتظهر صفة إكرامه ﴿غفور﴾ أي بالغ الستر للذنوب عيناً وأثراً ﴿رحيم *﴾ أي بالغ الإكرام بعد الغفران فضلاً منه وإحساناً، وقد حقق سبحانه ذلك وصدق، ومن أصدق من الله قيلاً، فأقبل النساء للبيعة عامة ثاني يوم الفتح على الصفا بعد فراغه ﷺ من بيعة الرجال فنزلت هذه الآية وهو على الصفا فقام عمر بن الخطاب رضي الله أسفل منه يبايعهن بأمره ويبلغهن عنه وهند بنت عتبة متنقبة لتأخذ علينا أمراً ما رأيناك أخذته على الرجال، وبايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد، فقال ﴿ولا يسرقن﴾ فقالت : إن إبا سفيان رجل شحيح وإني أصيب من ماله هنات فلا أدري أيحل لي أم لا ؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غير فهو لك حلال، فضحك رسول الله ﷺ وعرفها فقال :"وإنك لهند بنت عتبة"، قالت : نعم، فاعف عني ما سلف عفا الله عنك، فقال :﴿ولا يزنين﴾ فقال : أو تزني الحرة، فقال ﴿ولا يقتلن أولادهن﴾ فقالت : ربيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً وأنتم وهم أعلم،
٥٦٧