﴿كما يئس﴾ من نيل الخير منها ﴿الكفار﴾ ولما كان من مات فصار أهلاً للدفن كشف له عن أحوال القيامة فعرف أنه ناج أو هالك، وكان الموتى أعم من الكفار، وموتى الكفار أعم ممن يدفن منهم فقال :﴿من أصحاب القبور *﴾ فإن الكفار منهم قد علموا يأسهم من حصول الخير منها علماً قطعياً، ويجوز أن يكون ﴿من﴾ ابتدائية فيكون المعنى : كما يئس عباد الأوثان من لقاء من مات، فدفن باعتقاد أنه لا اجتماع بينهم أصلاً لأنه لا يمكن بعثه لا إلا الدنيا ولا إلى الآخرة لأنه لا آخرة عندهم أصلاً لا سيما إن كان أيأسهم تغطية الدلائل مع وضوحها لو أنصفوا، فلا تتولوا من هذه صفته فيكون بينكم وبينه ما بين القريب مع قريبه من تولى كل منهم من الآخر ما يتولاه القريب الصديق وسكناته لا يفلح هو ولا من تولاه، وأقل ما في ولايته من الضرر أنها تنقطع المعاونة فيها، والمشاركة بالموت وإن كان بعد الموت مشاركة ففي العذاب الدائم المستمر الذي لا ينقطع عنهم والخزي اللازم، وقد علم أن هذا الآخر هو أولها، وهذا الموصل مفصلها، فسبحانه من أنزله كتاباً معجزاً حكيماً، وقرآناً موجزاً جامعاً عظيماً.
٥٦٩
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٦٥


الصفحة التالية
Icon