ولما ذكر أول الكتب ذكر أيضاً أول الأنبياء خلقاً وآخرهم بعثاً وهو آخر الرسل ليكون في ذلك إشارة إلى أن البشراة به في التوراة والإنجيل فقال :﴿ومبشراً﴾ أي في حال تصديقي للتوراة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٧٤
ولما كانت رسالته ﷺ عامة لجميع الخلق لم يذكر في رسالته حرف الغاية كما ذكر في الرسالتين المذكورتين قبل فقال :﴿برسول﴾ أي إلى كل من شملته المربوبية ﴿يأتي﴾ ولما كان إتيانه بعده بمدة طويلة أدخل الجار فقال :﴿من بعدي﴾ ولما كان الإتيان بغاية البيان وإزاحة اللبس بكل اعتبار أقعد في العتاب لمن هفا بعده والأخذ لمن جفا فنقض عهده، أتى بالاسم الذي ما شارك النبي ﷺ فيه أحد في زمانه ولا قبله أصلاً، ووزنه دال على المبالغة في معناه فقال :﴿اسمه أحمد﴾ أي دال على أنه أبلغ الخلق حامداً ومحموداً وهو اسمه ﷺ في السماء التي سيصير إليها هذا المبشر، وفي تخصيصه بالذكر احتراز عن أن يتوهم أن البعدية في الرتبة لأنه يليح بتصديره بالهمزة التي هي أول الحروف مخرجاً وأشد حروف الحلق الذي هو أول المخارج وتضمينه الميم إلى أنه ﷺ كما أنه خاتم بما أشار إليه أشهر أسمائه وأعظمها " محمد " لابتدائه المخارج، لا نبي بعده فهو فاتح مقدم باعتبار الذكر والشرف والحكم بالوصف الشريف لا نبي قبله في الخلق وجبت له النبة وإن آدم لمنجدل في طينه وبين الروح والجسد كما
٥٧٦