﴿مثل الذين﴾ ولما كان العلم ولا سيما الرباني يجب أن يفرح به ويرغب فيه من أيّ موصل كان، بني للمجهول قوله وصيانة لاسمه الشريف عن أن يذكر عن العصيان :﴿حملوا التوراة﴾ أي كلفوا وألزموا حمل الكتاب الذي آتاه الله لبني إسرائيل على لسان موسى عليه الصلاة والسلام بأن علمهم إياها سبحانه وكلفهم حفظ ألفاظها عن التغيير والنسيان ومعانيها عن التحريف والتلبيس وحدودها واحكامها عن الإهمال والتضييع.
ولما كان تركهم لحملها وهي من عند الله وعلى لسان رجل منهم هو أعظم في أنفسهم وأجلهم إحساناً إليهم في غاية البعد ولا سيما مع طول الزمان المسهل لحفظها
٥٩٥
الميسر لتدبرها وتعرف مقدارها، عبر بأداة البعد فقال :﴿ثم لم يحملوها﴾ بأن حفظوا ألفاظها ولم يعملوا بما فيها من الوصية باتباع عيسى عليه الصلاة والسلام إذا جاءهم ثم محمد ﷺ إذا جاء، فهي ضارة لهم بشهادتها عليهم قاذفة لهم في النار من غير نفع أصلاً ﴿كمثل﴾ أي مِثَّل مَثَل ﴿الحمار﴾ الذي هو أبله الحيوان، فهو مثل في الغباوة، حال كونه ﴿يحمل أسفاراً﴾ أي كتباً من العلم كاشفة للأمور تنفع الألباء، جمع سفر، وهو الكتاب الكبير المسفر عما فيه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٩٥