جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦١١
ولما كان هذا الذي حكاه سبحانه وتعالى عن المنافقين بحيث يعجب غاية العجب من تصور قائله له فضلاً عن أن يتفوه به فكيف بأن يعتقده، نبه على أن العلة الموجبة له طمس البصيرة، وأن العلة ف طمس البصيرة الإقبال بجميع القلب على الدينا رجوعاً على إيضاح ما تقدم في نتيجة الجمعة من الإذن في طلب الرزق والتحذير من مثل فعل حاطب رضي الله عنه وفعل من انصرف عن خطبة لتلك العير، وكان هذا التنبيه على وجه حاسم لمادة شرهم في كلامهم فإن كلمة الشح كما قيل مطاعة، ولو بأن تؤثر أثراً ما ولو بأن تقتر نوع تقتير في وقت ما، فقال منادياً لمن يحتاج إلى ذلك :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أخبروا بما يقتضي أن بواطنهم مذعنة كظواهرهم ﴿لا تلهكم أموالكم﴾ ولما كان الخطاب مع من يحتاج إلى التأكيد قال :﴿ولا أولادكم﴾ أي لا تقبلوا على شيء من ذلك بجمع قلوبكم إقبالاً يحيركم سواء كان ذلك في إصلاحها أو التمتع بها بحيث تشتغلون وتغفلون ﴿عن ذكر الله﴾ أي من توحدي الملك الأعظم الذي له الإحاطة الكاملة بكل شيء فله الملك وله الحمد يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، فإذا كان العبد ذاكراً له بقلبه دائماً لم يقل كقول المنافقين ﴿لا تنفقوا﴾ [المنافقين : ٧] ولا ﴿ليخرجن الأعز منها الأذل﴾ [المنافقين : ٨] لعلمه أن الأمر كله لله، وأنه لن يضر الله شيئاً، ولا يضر بذلك إلا نفسه، وهذا يشمل ما قالوه من التوحيد والصلاة والحج والصوم وغير ذلك، ولإرادة المبالغة في النهي وجّه النهي إلى الأموال والأولاد بما المراد منه نهيهم.


الصفحة التالية
Icon