أخبره مع بيان الأمر ووضوحه أنه ﴿إنما يتذكر من يخشى﴾ ثم قال ﴿فارتقب﴾ وعدك ووعيدهم ﴿إنهم مرتقبون﴾.
ولما وصف ليلة إنزال هذا القرآن بالبركة، وأعلم أن من أعظم بركتها النذارة، وكانت النذارة مع أنها فرقت من البشارة أمراً عظيماً موجباً لفرقان ما بين المحاسن والمساوىء من الأعمال قائدة إلى كل خير بدليل أن أتباع ذوي البركة من العماء، وإذا تعارض عندهم أمر العالم والظالم، قدموا أمر الظالم لما يخافون من نذارته، وأهملوا أمر العالم وإن عظم الرجاء لبشارته، قال معللاً لبركتها بعد تعليل الإنزال فيها، ومعمماً لها يحصل فيها من بركات التفضيل :﴿فيها﴾ أي الليلة المباركة سواء قلنا : إنها ليلة القدر أو ليلة النصف أصالة أو مآلاً ﴿يفرق﴾ أي ينشر ويبين ويفصل ويوضح مرة بعد مرة ﴿كل أمر حكيم﴾ أي محكم الأمر لا يستطاع أن يطعن فيه بوجه من جميع ما يوحى به من الكتب وغيرها والرزاق والآجال والنصر والهزيمة والخصب والقحط وغيرها من جميع أقسام الحوادث وجزئياً في أوقاتها وأماكنها، ويبين ذلك للملائكة من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل فيجدونه سواء فيزدادون بذلك إيماناً، قال البغوي رحمه الله : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر، والأرزاق والآجال، قال : وروى أبو الضحى عنه أن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان فيسلمها إلى أربابها في ليلة القدر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
وقال الكرماني : فيسلمها إلى إلى أربابها وعملها من الملائكة ليلة السابع والشعرين من شهر رمضان.