ولما أخبر - جلت قدرته - بعظيم قدرته فيها منبهاً على ما فيها من جلب المسار بتلك الأنوار والهداية في الدين والدنيا التي لولا هي لما انتفع أحد في ليل انتفاعاً تاماً، أخبر بما فيها مع الزينة من دفع المضار بعبارة عامة وإن كان المراد بالعض الأغلب فإن ما للرجوم منها غير ما للاهتداء والرسوم فقال :﴿وجعلناها﴾ أي النجوم من حيث هي بعظمتنا مع كونها زينة وأعلاماً للهداية ﴿رجوماً﴾ جمع رجم وهو مصدر واسم لما يرجم به ﴿للشياطين﴾ الذين يستحقون الطرد والبعد والحرق من الجن لما لهم من الاحتراق، وذلك بياناً لعظمتنا وحراسة للسماء الدنيا التي هي محل تنزل أمرنا بالقضاء والقدر، وإنزال هذا الذكر الحكيم لئلا يفسدوا باستراق السمع منها على الناس دينهم الحق، ويلبسوا عليهم أمرهم بخلط الحق الذي ختمنا به الأديان بالباطل، فيخرجوهم - لأنهم أعداؤهم - من النور إلى الظلمات كما كانوا في الجاهلية مع ما فيها بما خلق سبحانه في أمزجتها من ترطيب وتجفيف وحر وبرد واعتدال ينشأ عنه الفصول الأربعة وقهرها به من شروق وغروب وحركة وسكون يعرف بها ما إليه المآل، مما أخبرت به الرسل من الزوال، مع ما يدل من الليل والنهار والعشي والإبكار وأشياء يكل عنها الصوف في ذواتها وعن إحصاء منافعها حتى لو عدم شيء مما في السماوات مما دبره الحكيم
٦٩