ولما ذكر سبحانه أنه يسرها للمشي، ذكرهم بأنه سهلها لإخراج الخيرات والبركات فقال :﴿وكلوا﴾ ودل على أن الرزق فوق الكفاية بقوله :﴿من رزقه﴾ أي الذي أودعه لكم فيها وأمكنكم من إخراجه بضد ما تعرفون من أحوالكم فإن الدفن في الأرض مما يفسد المدفون ويحيله إلى جوهرها كما يكون لمن قبرتموه فيها، ومع ذلك فأنتم تدفنون الحب وغيره مما ينفعكم فيخرجه لكم سبحانه على أحسن ما تريدون ويخرج لكم من الأقوات والفواكه والأدهان والملابس ما تعلمون، وكذل النفوس هي صعبة كالجبال وإن قدتها للخير انقادت لك كما قيل " هي النفس ما عودتها تتعود ".
ولما كان التقدير للبعث على الشكر والتحذير من الكفر : وابعدوه جزاء على
٧٦
إحسانه إليكم وتربيته لكم.
فمنه مبدأ جميع ذلك، عطف عليه ما يدعو إلى الحياء من السيد والخجل من توبيخه عند لقائه فقال :﴿وإليه﴾ أي وحده ﴿النشور *﴾ وهو إخراج جميع الحيوانات التي أكلتها الأرض وأفسدتها، يخرجها في الوقت الذي يريده على ما كان كل منها عيله عند الموت كما أخرج تلك الأرزاق، لا فرق بين هذا وذاك، غير أنكم لا تتأملون فيسألكم عما كنتم تعملون، فيا فوز من شكر ويا هلاك من كفر، فإن هذا أبعث شيء على الشكر، وأشد شيء إبعاداً عن العصيان لا سيما الكفر، لما قرر من حاجة الإنسان، والإحسان إليه بأنواع الإحسان.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٧٤


الصفحة التالية
Icon