ولما كان التقدير : فلقد سبحانه في وعظهم بنفسه وعلى لسانك يا أشرف الخلق ﷺ وذلك بما هدى إيله السياق قطعاً، ذكر حالهم عند ذلك فقال إعلاماً بكثافة طباعهم حيث لم تلطف أسرارهم لقبول محبة الله تعالى وإثارة الأحوال الحسنة من الصبر المثبت واليقين وحسن الانطباع لقبول النصائح والخوف وعدم الاعتزاز بأحد غير الله تعالى من وجه نفع أو ضر، وكذلك لفت القول إلى الإعراض إيذاناً بشديد الغضب منهم :﴿ويقولون﴾ أي يجددون هذا القول تجديداً مستمراً استهزاء وتكذيباً، ويجوز أن يكون حالاً من الواو في " بل لجوا " :﴿متى هذا﴾ وزادوا في الاستهزاء بقولهم ﴿إن كنتم﴾ جبلة وطبعاً ﴿صادقين *﴾ في أنه لا بد لنا منه، وأنكم مقربون عند الله، فلو كان لهم ثبات الصبر واليقين لما طاشوا هذا الطيش بإبراز هذا القول القبيح الذي ظاهره طلب الإخبار بوقت الأمر المتوعد به، وباطنه الاستعجال به استهزاء وتكذيباً.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٨٣
ولما كان قولهم هذا مع أنه استعجال بأمر الساعة استهانة بها حتى أنه عندهم كأنها من قبل الوعد الحسن وهو متضمن لإيهام أنها مما يطلع الخلق على تعيين وقته، فنى ذلك بياناً لعظمتها بعظمة من أمرها بيده فقال آمراً له بجوابهم مؤذناً ذلك الإعراض لأنهم لا ينكرون علمه تعالى ذلك الإنكار :﴿قل﴾ يا أكرم الخلق منبهاً لهم على تحصيل اليقين بأن ما علموه وحكموا بعلمهم فيه وما لا ردوا علمه إلى الله :﴿إنما العلم﴾
٨٤


الصفحة التالية
Icon