ولما كان المخوف في النذري الوقوع في السوء لا بقيد كونه من معين قال :﴿سيئت﴾ ولما كان السوء يظهر في الوجه قال :﴿وجوه﴾ وأظهر في موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال :﴿الذين كفروا﴾ أي ظهر السوء وغاية الكراهة في وجوه من أوقع هذا الوصف ولو على أجنى الإيقاع وعلتها الكآبة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٨٣
ولما كان لا أوجع من التبكيت عند إحاطة المكروه من غير حاجة إلى تعيين فاعله، بنى للمفعول قوله :﴿وقيل﴾ أي لهم تقريعاً وتوبيخاً :﴿هذا الذي﴾ أي تقدم من عنادكم ومكركم واستكباركم ﴿كنتم﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿به﴾ أي بسببه ومن أجله، وصرف القول إلى الخطاب لأن التقريع به أنكأ في العذاب :﴿تدعون *﴾ أي تطلبون
٨٥
وتوقعون الطلب له طلباً شديداً تبلغون فيه غاية الجهد على وجه الاستعجال أن يستنزل بكم مكروهه فعل من لا يبالي به بوجه، وتكررون ذلك الطلب وتعودون إليه في كل وقت معرضين عن السعي في الخلاص فيه من عدوان العذاب ونيل الوعد الحسن بجزيل الثواب لبيان قوة طلبهم له وتداعيهم إليه استهزاء به حتى كأنهم لا مطلوب لهم غيره، قدم الجار المفيد غالباً للاختصاص فهو افتعال من دعا الشيء وبالشيء إذا طلبه، ودعاه الله بمكروه : أنزله به.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٨٣


الصفحة التالية
Icon