ولما نفى سبحانه عنه ﷺ ما قالوه مما تواقحوا به، فثبت له ﷺ كمال العقل، وكان المجنون من لا يكون له عمل ينتظم ولا قول يرتبط، فلا يستعمله أحد في شيء ليكون له عليه أجر، أثبت له الأجر المستلزم للعقل فيتحقق إثباته من أحكم الحكماء على وجه أبلغ مما لو صرح به، فقال على وجه التأكيد لإنكارهم له بما ادعوا فيه من البهت :﴿وإن لك﴾ أي على ما تحملت من اثقال النبوة وعلى صبرك عليهم بما يرمونك به وهو تسلية له ﷺ ﴿لأجراً﴾ ولما أثبت له منا يلازم العقل ويصلح لأن يكون في الدنيا وأن يكون في الآخرة دالاً بتنوينه وما أفهمه السياق من مدحه ﷺ على عظمته، وكان الأجر لا يستلزم الدوام، وقد يكون منغصاً بنوع منة قال :﴿غير ممنون *﴾ أي مقطوع ولا منقوص في دنياك ولا في آخرتك ولا لأحد من الناس عليك به صنيع يمتن به بأن يذكره على سبيل اللوم والتقريع، فهذا بيان السعادة، والأجر لا يكون إلا على العمل الصالح، والعمل رشح الأخلاق، فصالحه نتيجة الأخلاق الحسنة والعقل الراجح.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٨٩
ولما ثبت بهذا العقل مع ما أفاده من الفضل، وكان الذي يؤجر قد يكون في أدنى رتب العقل، بين أنه ﷺ في أعلاها بقوله مؤكداً لما مضى :﴿وإنك﴾ وزاد في التأكيد
٩٧