ولما نفى دليل العقل والنقل مع التعجب منهم والتهكم بهم، وكان قد بقي أن الإنسان ربما عاهد غيره على شيء فيلزمه الوفاء به وإن كان خارجاص عما يدعو إليه العقل والنقل، نفى ذلك بقوله :﴿أم لكم أيمان﴾ أي غليظة جداً ﴿علينا﴾ قد حملتمونا إياها ﴿بالغة﴾ أي لأجل عظمها إلى نهاية رتب التأكيد بحيث يكون بلوغ غيرها ما يقصد بالنسبة إلى بلوغها ذلك عدماً أي أن بلوغها هو البلوغ لا غيره، أو ثباتها منته ﴿إلى يوم القيامة﴾
١١٠
لا يمكن الخروج عن عهدتها إلى في ذلك اليوم ليحتاج لأجلها إلى إكرامكم في الدارين.
ولما ذكر ذلك القسم بالأيمان ذكر المقسم عليه فقال :﴿إن لكم﴾ أي خاصة دون المسلمين ﴿لما تحكمون *﴾ أي تفعلونه فعل الحاكم الذي يلزم قوله لعلو أمره على وجه التأكيد الذي لا مندوحة عنه فتحكمون لأنفسكم بما تريدون من الخير.
ولما عجب منهم وتهكم بهم، ذيل ذلك بتهكم أعلى منه يكشف عوارهم غاية الكشف وينزل بهم أشد الحتف، فقال مخوفاً لهم بالإعراض :﴿سلهم﴾ أي يا أيها الرسول الذي محت دلائله بقوة أنوارها الأنوار.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٠


الصفحة التالية
Icon