ولما كان التمني مفهماً لأنه كان له ضد ما تمناه من البعث على ما كانت تخبره به الرسل ومن الحساب الذي هو سر البعث وخالصه، وقد كان يقول : إنه يتخلص منه، على تقدير كونه، بماله وجاهه قال معللاً لتمنيه :﴿ما أغنى﴾ نافياً تأسفاً على فوات ما كان يرجو من نفعه، والمفعول على هذا التقدير محذوف للتعميم، أو مستفهماً استفهام إنكار على نفسه وتوبيخ حيث سولت له ما أثمر له كل سوء وكل محال منازعة للفطرة الأولى المؤيدة بما أخبرت به الرسل حتى أوقعه ذلك التسويل في الهلكة ﴿عني ماليه *﴾ أي الذي منعت منه حق الله وتعظمت به على عباده.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٣٣
وهذا النفي للأغناء سائغ مفهوم على كل من تقريري النفي والاستفهام.
ولما كان المال سبب الوصول إلى السلطان، قال نافياً لما أوصله إليه ماله شارحاً لعدم إغنائه، ﴿هلك عني﴾ أي مجاوزاً لي حتى كأني لم أكن فيه ساعة قط ﴿سلطانيه *﴾ أي تسلطي على الدعاة إلى الله بالشبه الباطلة التي كان يطلب اللسان بها فأساعده عليها مع ظهور بطلانها الملك الذي أوصل إليه المال فعاد لأن ذلك الملك الأعظم هلك والمساعد أبعد مباعد.
ولما كان كأنه قيل : فما يقال ؟ أجيب بأنه يقال للزبانية تعذيباً لروحه بالتوبيخ والأمر بالتعذيب على رؤوس الأشهاد :﴿خذوه﴾ أي أيها الزبانية الذين كان يستهين بهم عند سماع ذكرهم.
ولما كان الأخذ دالاً على الإهانة الناشئة عن الغضب، سبب عنه قوله :﴿فغلوه *﴾ أي اجمعوا يديه إلى عنقه ورجليه من وراء قفاه إلى ناصيته.