ولما كان تأمل الكيفيات يحتاج إلى دقة وتوقف على عجائب ولطائف تؤذن قطعاً بأن فاعلها لا يعجزه شيء، وقال منكراً عليهم عدم التأمل :﴿كيف خلق الله﴾ أي الذي له العلم التام والقدرة البالغة والعظمة الكاملة ﴿سبع سماوات﴾ هي في غاية العلو والسعة والإحكام والزينة، يعرف كونها سبعاً بما فيها من الزينة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٧٠
ولما كانت المطابقة بين المتقابلات في غاية الصعوبة لا يكاد يقدر عليها من جميع الوجوه أحد، قال :﴿طباقاً *﴾ أي متطابقة بعضها فوق بعض وكل واحدة في التي تليها محيطة بها " ما لها من فروج " لا يكون تمام المطابقة إلا كذلك بالإحاطة من كل جانب.
ولما كان المحيط لا يتوصل إلى داخله إلى محيط العلم والقدرة، قال دالاًّ على كما قدرته وتصرفه معبراً بالجعل الذي يكون عن تصيير وتسبيب :﴿وجعل القمر﴾ أي الذي ترونه وهو في السماء الدنيا، وبدأ به لقربه وسرعة حركته وقطعه جميع البروج في كل شهر مرة وغيبته في ليالي السرار ثم ظهوره، وذلك أعجب في القدرة.
ولما كانت السماء شفافات قال :﴿فيهن﴾ أي السماوات جميعهن ﴿نوراً﴾ أي لامعاً منتشراً كاشفاً للمرئيات، أحد وجهيه يضيء لأهل الأرض والثاني لأهل السماوات، ولما كان نوره مستفاداً من نور الشمس قال :﴿وجعل﴾ معظماً لها بإعادة العامل ﴿الشمس﴾ أي في السماء الرابعة ﴿سراجاً *﴾ أي نوراً عظيماً كاشفاً لظلمه الليل عن وجه الأرض وهي في السماء الرابعة، وروى ابن مردويه وعبد الرزاق والطبري عن
١٧١


الصفحة التالية
Icon