شاقاً شديداً يعلوه ويغلبه ويصعد عليه، ويكون كل يوم أعلى مما قبله جزاء وفاقاً، فإن الأعراض كلما تمادى زمانه كان أقوى مما كان.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٩١
ولما كان التقدير : لأنه أوحى إليّ أن الأمر على ما تتعارفونه بينكم من أن من خدم غيره سيده عذابه أبداً، عطف عليه قوله مبيناً لسيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما يجب لهم من الكمال الذي يكون بقوتي العلم والعمل، والتكميل الذي يكون بهما مع قوة البيان، ومن لم يكن كاملاً لم يتصور منه تكميل ليكون له قلب كما أن من لم يكن بالغاص لم يتحقق منه ولد صلب، ومبيناً لما يجوز عليهم وما يستحيل منهم وما لله تعالى من العناية بشأنهم :﴿وأن﴾ أي وأوحى إليّ أن ﴿المساجد﴾ أي مواضع السجود من العالم الآفاقي من الأرض ومن العالم النفسي من الجسد - كما قاله سعي بن جبير وطلق بن حبيب ﴿لله﴾ أي مختصة بالملك الأعظم ﴿فلا تدعوا﴾ أي بسبب ذلك أيها المخلوقون على وجه العادة ﴿مع الله﴾ أي الذي له جميع العظمة ﴿أحداً *﴾ لأن من تعبد لغير سيده في ملك سيده الذي هو العالم الآفاقي وبآلة سيده الذي هو العالم النفسي كان أشد الناس لوماً وعقوبة فكيف يليق بكم أن يخلق لكم وجعهاً ويدين ورجلين وأرضاً تنتفعون بها وسماء تتم فنعها فتسجدون بالأعضاء التي أوجدها لكم في الأرض التي أمكنكم من الانتفاع بها تحت السماء التي أتم منافعها بها لغيره فتكونون قد صرفتم نعمة السيد التي يجب شكره عليها لغيره أيفعل هذا عاقل ؟ قال البغوي : فإن جعلت المساجد مواضع الصلاة فواحدها بكسر الجيم، وإن جعلتها الأعضاء فواحدها فتح الجيم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٩١


الصفحة التالية
Icon