ولما كان هذا الدأب نم الحفظ في كل رسول بين الغاية جامعاً تعييناً لما اقتضاء الجنس، وبياناً لأن الأفراد أولاً مراد به الجمع، وأنه ما عبر به إلا لتشمل الحراسة كل فرد منهم فقال :﴿ليعلم﴾ أي الله علماً كائناً واقعاً على هذه الصفة التي تعلق بها علمه في الأزل قبل وجودها بما لا يعلمه إلا هو سبحانه أنها ستكون ﴿أن﴾ أي إن الرسل عليهم الصلاة والسلام ﴿قد أبلغوا﴾ أي إلى من أرسلوا إليه ﴿رسالات ربهم﴾ أي الذي أوجدهم ودبر جميع أمورهم واختارهم لرسالاته على ما هي عليه لم يشبها شائبة ولا لحقها غبر.
ولما كان هذا ربما أوهم أنه محتاج في الحفظ إلى الرصد أزال ذلك بقوله :﴿وأحاط﴾ أي فعل ذلك والحال أنه قد أحاط ﴿بما لديهم﴾ أي الرسل والمرسل إليهم من الملائكة والبشر على أدق الوجوه وأعظمها وأغربها بما أشار إليه التعبير بلدى، ولما كان هذا كافياً في المقصود، لكنه قاصر على محل الحاجة عم تعريفاً بالأمر على ما هو عليه، فقال حاملاً على شدة الوثوق بما تقوله الرسل عن ربهم وأنه لا لبس فيه ولا غائلة بوجه، مبيناً غاية البيان كذب حديث الغرانيق الذي ذكره بعض المفسرين وغيرهم في
٢٠٠


الصفحة التالية
Icon