ولما كان التقدير : فكانت الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، عطف عليه قوله :﴿وكانت الجبال﴾ أي التي هي مراسي الأرض وأوتادها، وعبر عن شدة الاختلاط والتلاشي بالتوحيد فقال :﴿كثيباً﴾ أي رملاً مجتمعاً، فعيل بمعنى مفعول، من كثبه - إذا جمعه، ومادة كثب بتركيبها كثب - وكبث تدور على الجمع مع القرب، وتلزمه القلة، فإن حقيقة القرب قلة المسافة زماناً أو مكاناً، والنعومة، من كثبت التراب : درسته، وكثب عليه - بمعنى حمل أوكر، معناه قارب أن يخالطه، وكثيب الرمل : قطعه تنقاد محدودبة - ناظر إلى القلة من معنى قطعاً، وكل ما أنصب كذلك أيضاً لأن الانصاب عادة يكون لما قل وأما نعم كثاب بتقديم الثاء وبتأخيرها أيضاً أي كثير فجاءته الكثرة من الصيغة، والكاثبة من الفرس هو أضيق موضع في عرضها، والكثبة من الأرض : المطمئنة بين الجبال - لأنها تكون صغيرة غالباً، وكباث كسحاب : النضيج من ثمر الأراك، وقيل : ما لم ينضج، وقيل : حمله إذا كان متفرقاً، فإن أريد النضيج منه فتسميته به لأنه مجتمع، وإن أريد ما لم ينضج فهو من مقاربة النضج، وإن أريد المتفرق فلقرب بعضه من بعض لأن الأراك نفسه صغير الشجر، وكبث اللحم - كفرح : بات مغموماً فتغير أو أروح أي جمع على إنائه الذي هو فيه إناء آخر، أو جمع ما هو فيه حتى تضايق فهو من الجمع لهذا، وأما الكنبث كقنفذ والثاء مؤخرة : الصلب الشديد، فهو في الغالب من تجمع أجزائه والقرب معاً، وأما كثبت كنانته - بمعنى نكثها، فكان فعل استعمل هنا للإزالة، أي أزال اجتماعها أو بمعنى أنه قربها نم رميه بتسييرها لسرعة التناول.