بن أبي حازم : صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما بالبصرة، فقرأ في أول ركعة بالحمد وأول آية من البقرة، ثم قام في الثانية فقرأ بالحمد والآية الثانية.
وقيل : إنه أمر بالقراءة مجردة إقامة لها مقام ما كان يجب عليهم من الصلاة بزيادة في التخفيف، ولذلك روى أبو داود وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه عن عبد لله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :" من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين " قال المنذري : من سورة الملك إلى آخر القرآن ألف آية.
ولما كان هذا نسخاً لما كان واجباً من قيام الليل أول السورة لعلمه سبحانه بعدم إحصائه، فسر ذلك العلم المجمل بعلم مفصل بياناً لحكمة أخرى للنسخ فقال :﴿ علم أن ﴾ أي أنه ﴿ سيكون ﴾ يعني بتقدير لا بد لكم منه ﴿ منكم مرضى ﴾ جمع مريض، وهذه السورة من أول ما أنزل عليه ﷺ، ففي هذه بشارة بأن أهل الإسلام يكثرون جداً.
ولما ذكر عذر المريض وبدأ به لكونه أعم ولا قدرة للمريض على دفعه، أتبعه السفر للتجارة لأنه يليه في العموم، فقال مبشراً مع كثرة أهل الإسلام باتساع الأرض لهم :﴿ وآخرون ﴾ أي غير المرضى ﴿ يضربون ﴾ أي يوقعون الضرب ﴿ في الأرض ﴾ أي يسافرون لأن الماشي بجد واجتهاد يضرب الأرض برجله، ثم استأنف بيان علة الضرب بقوله :﴿ يبتغون ﴾ أي يطلبون طلباً شديداً، وأشار إلى سعة ما عند الله بكونه فوق أمانيهم فقال :﴿ من فضل الله ﴾ أي بعض ما أوجده الملك الأعظم لعباده ولا حاجة به إليه بوجه من الربح في التجارة أو تعلم العلم ﴿ وآخرون ﴾ أي منكم أيها المسلمون ﴿ يقاتلون ﴾ أي يطلبون ويوقعون قتل أعداء الله، ولذلك بينه بقوله :﴿ في سبيل الله ﴾ أي ذلك القتل مظروف لطريق الملك الأعظم ليزول عن سلوكه المانع لقتل قطاع الطريق المعنوي والحسي، وأظهر ولم يضمر


الصفحة التالية
Icon