ولما ذكر هذا الشرط هل ( ؟) الذي صوره بصوره هائلة، أجابه بقوله :﴿فذلك﴾ أي الوقت الصعب الشديد العظيم الشدة جداً البالغ في ذلك مبلغاً يشار إليه إشارة ما هو أبعد بعيد، وهو وقت النقر، ثم أبدل من هذا المبتدأ زيادة في تهويله قوله :﴿يومئذ﴾ أي وقت إذ يكون النقر الهائل ﴿يوم عسير *﴾ أي بالغ العسر ﴿على الكافرين﴾ أي الذين كانوا يتسهينون بالإنذار ويعرضون عنه لأنهم راسحون في الكفر الذي هو ستر ما يجب إظهاره نم دلائل الوحدانية، ولما كان العسر قد يطلق على الشيء وفيه يسر من بعض الجهات أو يعالج فيرجع يسيراً، بين أنه ليس كذلك بقوله :﴿غير يسير *﴾ فجمع فيه بين إثابت الشيء ونفي ضده تحقيقاً لأمره ودفعاً للمجاز عنه وتأييداً لكونه ولأنه غير منقطع بوجه، وتقييده بالكافرين يشعر بتيسره على المؤمنين.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٣٠
ولما آذن هذا بأن أكثر الخلق يوافى يوم القيامة على كفره وخبث طويته وسوء أمره وكان ذلك مما يهم لشفقته ﷺ على الخلق، ولما يعلم من نصبهم للعداوة، هون أمرهم عليه وحقر شأنهم لديه بوعده بالكفاية بقوله مستأنفاً منبهاً على أسباب الهلاك التي أعظمها الغرور وهو شبهة زوجتها شهوة :﴿ذرني﴾ أي أتركني على أي حالة اتفقت ﴿ومن﴾ أي مع كل من ﴿خلقت﴾ أي أوجدت من العدم وأنشأت في أطوار الخلقة، حال كونه ﴿وحيداً *﴾ لا مال له ولا ولد ولا شيء، وحال كوني أنا واحداً شديد الثبات في صفة الوحدانية لم يشاركني في صنعه أحد فلم يشكر هذه النعمة بل كفرهم بالشرك بالله سبحانه القادر على إعدامه بعد إيجاده.
ولما كانالمطغى للإنسان المكنة التي قطب دائرتها المال قال :﴿وجعلت له﴾ أي بأسباب أوجدتها أنا وحدي لا حول منه ولا قوة بدليل أن غيره أقوى منه بدناً وقلباً وأوسع فكراً وعقلاً وهو دونه في ذلك ﴿مالاً ممدوداً *﴾ أي مبسوطاً واسعاً نامياً كثيراً
٢٢٤


الصفحة التالية
Icon