ولما كان تغير حال الإنسان إلى دون ما هو غليه غائطاً له موجعاً إذا كان ذلك تغير لونه لأن الظاهر عنوان الباطن، قال الله تعالى دالاً على شدة فعلها في ذلك :﴿لواحة﴾ أي شديدة التغيير بالسواد والزرقة واللمع والاضطراب والتعطيش ونحوها من الإفساد من شدة حرها، تقول العرب : لاحت النار الشيء - إذا أحرقته وسودته ﴿للبشر *﴾ أي للناس أو لجلودهم، جمع بشرة وجمع البشر أبشار ﴿عليها﴾ أي مطلق النار بقرينة ما يأتي من الخزنة ﴿تسعة عشر *﴾ أي ملكاً، لطبقة المؤمنين وهي العليا ملك واحد، وللست الباقية ثمانية عشر، لكل واحدة ثلاثة، لأن الواحد يؤازر بثان، وهما يعززان بثالث، فلذا والله أعلم كانوا ثلاثة، أو لأن الكفر يكون بالله وكتابه ورسوله ﷺ، فكان لكل تكذيب في كل طبقة من طبقاتها الست ملك أو صنف من الملائكة، وعلى الأول في كونهم أشخاطاً بأعيانهم أكثر المفسرين، وقد علم مام مضى أنهم غلاظ شداد كل واحد منهم يكفي لأهله الأرض كلهم كما أن ملكاً واحداً وكل بقبض جميع الأرواح، وجاء في الآثار أن أعينهم كالبرق الخاطف، وأنيابهم كالصياصي، يخرج لهب النار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، نزعت منهم الرحمة، يدفع أحدهم سبعين ألفاً فيرميهم حيث أراد من جهنم، قال عمرو بن دينار : إن واحداً منهم يدفع بالدفعة الواحدةأكثر من ربيعة ومضر.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٩
وقيل : إن هذه العدة لمكافأة ما في الإنسان من القوى التي بها ينتظم قوامه، وهي الحواس الخمس الظاهرة : السمع والبصر والشم والذوق واللمس، والخمس الباطنة : المتخيلة والواهمة والمفكرة والحافظة والذاكرة، وقوتا الشهة والغضب، والقوى الطبيعية السبع : الماسكة والهاضمة والجاذبة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة، وقيل : اختير هذا العدد لأن التسعة نهاية الآحاد، والعشرة بداية
٢٣٠